في مبادرة نوعية تهدف إلى إعداد جيل وطني من المتخصصين في علوم الأرض والبيئة، أطلقت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية برنامجها التدريبي "صنّاع الغد"، الموجه لطلاب وطالبات الجامعات المتوقع تخرجهم عام 2025.
يأتي البرنامج امتدادًا لجهود الهيئة في بناء رأس مال بشري مستدام يواكب التطورات العلمية الحديثة في المجالات الجيولوجية، ويعزز دور المملكة كمركز إقليمي رائد في علوم الأرض والبيئة والطاقة المستدامة.
ويُعد البرنامج خطوة استراتيجية تربط بين المعرفة الأكاديمية والتطبيق العملي من خلال تدريب ميداني وإشراف متخصص داخل مقرات الهيئة ومختبراتها في مدينة جدة.
بناء الخبرة الميدانية وربط التعليم بسوق العمل
يركز البرنامج على تطوير الكفاءات السعودية عبر تدريب عملي شامل في مجالات المسح الجيولوجي، الخرائط الجيوتقنية، الموارد المعدنية، نظم المعلومات الجغرافية (GIS)، إلى جانب التطبيقات الرقمية في تحليل البيانات البيئية.
ويُمنح المتدربون فرصة حقيقية للاحتكاك بخبراء محليين ودوليين في مجالات الطاقة والمعادن والمياه الجوفية، مما يوسع مداركهم المهنية ويجعلهم أكثر جاهزية لدخول سوق العمل بعد التخرج.
كما تتيح الهيئة من خلال "صنّاع الغد" بيئة تعلم تفاعلية، تجمع بين المهارات التقنية، والإدارية، والبحثية في إطار منظم يراعي أعلى معايير السلامة والالتزام المهني.
تعزيز الاستدامة والوعي البيئي
لا يقتصر البرنامج على التدريب الفني فحسب، بل يتبنى أيضًا نهجًا توعويًا حول الاستدامة البيئية وإدارة الموارد الطبيعية.
ويهدف إلى ترسيخ مفهوم "المواطنة البيئية" لدى المتدربين، من خلال تعريفهم بدور الجيولوجيا في حماية البيئة، وإدارة المياه الجوفية، والحد من مخاطر الزلازل والانهيارات الأرضية.
كما تُعد هذه المبادرة جزءًا من مساهمة الهيئة في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 المتعلقة برفع كفاءة الكوادر البشرية في مجالات الطاقة والبيئة، وتحفيز البحث العلمي التطبيقي.
مصادر التطوير المهني لطلاب البرنامج
لضمان استمرارية التطور بعد انتهاء التدريب، يُنصح المشاركون بالاستفادة من مصادر التطوير الذاتي المتاحة رقميًا، والتي تقدم محتوى معتمدًا ومجانيًا في شتى المجالات:
منصة دروب (Doroob):
بوابة وطنية سعودية تقدم آلاف الدورات القصيرة في مهارات التواصل، إدارة الوقت، التحليل المالي، وتقنيات العرض التفاعلي، مع شهادات معتمدة تفيد الباحثين عن عمل.
منصة LinkedIn Learning:
مكتبة عالمية تحتوي على أكثر من 20 ألف دورة مصممة من خبراء الصناعة، تغطي مجالات القيادة، وإدارة المشاريع، والذكاء الاصطناعي.
أكاديمية سيسكو (Cisco Networking Academy):
منصة تقنية متخصصة لتعلم أساسيات الشبكات، الأمن السيبراني، وإنترنت الأشياء، بشهادات معترف بها من كبرى الشركات.
منصة رواق (Rwaq):
منصة عربية تقدم دورات احترافية باللغة العربية في الإدارة، التسويق، التصميم، والبرمجة.
منصة كورسيرا (Coursera):
بالشراكة مع جامعات مثل ستانفورد وييل، تقدم برامج أكاديمية قصيرة ومتوسطة الأجل تساعد على بناء مسار مهني عالمي المستوى.
هذه المنصات تمثل امتدادًا طبيعيًا لتجربة "صنّاع الغد"، وتُعد أدوات مثالية لمواصلة التعلم الذاتي وصقل المهارات بعد انتهاء البرنامج.
التحول الرقمي في قطاع الجيولوجيا السعودي
يشهد قطاع الجيولوجيا في المملكة طفرة نوعية بفضل تبني التقنيات الرقمية الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الجيومكانية، في رسم الخرائط الجيولوجية وتقدير الموارد المعدنية.
وتُسهم هذه التحولات في تقليص زمن الدراسات الميدانية، وتحسين دقة البيانات، وتمكين الجهات الحكومية والشركات من اتخاذ قرارات استثمارية قائمة على البيانات.
ومن خلال برامج مثل "صنّاع الغد"، تسعى الهيئة إلى تهيئة جيل قادر على التعامل مع أدوات التحول الرقمي وتطبيقاتها في الاستكشاف والتخطيط البيئي.
مستقبل قطاع علوم الأرض ودور الكفاءات الوطنية
تعد علوم الأرض والموارد الطبيعية من القطاعات ذات النمو المتسارع في المملكة، مع تزايد الاهتمام بالثروات المعدنية والطاقة المستدامة.
ويأتي هذا البرنامج كحلقة وصل مهمة بين الجامعات وسوق العمل، مما يسهم في سد الفجوة بين المخرجات الأكاديمية والاحتياجات الواقعية للصناعة.
فمن خلال التدريب العملي، والإرشاد المهني، ومصادر التعلم المستمرة، يتم إعداد كوادر وطنية قادرة على قيادة مستقبل الاستكشاف الجيولوجي والاقتصاد الأخضر في المملكة.
بيئة تدريب متكاملة تربط العلم بالتطبيق
يُعد برنامج “صنّاع الغد” نموذجًا متطورًا لدمج التعليم الجامعي بالتدريب العملي الميداني، حيث لا يقتصر على المحاضرات النظرية أو الورش التعريفية، بل يمنح المتدربين تجربة واقعية في بيئة عمل مهنية داخل معامل ومراكز أبحاث هيئة المساحة الجيولوجية.
ويُشارك المتدربون في مشاريع حقيقية تُعنى بـ المسح الجيوفيزيائي، تحليل العينات الصخرية، إعداد التقارير الميدانية، وتوظيف أدوات نظم المعلومات الجغرافية (GIS) في عمليات البحث والاستكشاف.
هذا الدمج بين الأكاديميا والصناعة يخلق مهارات تطبيقية متقدمة، ويعزز قدرة الخريجين على العمل في مؤسسات الطاقة، التعدين، والهندسة البيئية فور تخرجهم، مما يقلص الفجوة بين الجامعة وسوق العمل.
مساهمة وطنية في بناء الاقتصاد الجيولوجي
لا يهدف البرنامج فقط إلى تدريب الطلاب، بل إلى تأهيل صُنّاع قرار المستقبل الذين سيكون لهم دور حاسم في دعم اقتصاد المملكة عبر مشاريع الاستكشاف والتعدين والطاقة.
فالهيئة العامة للمساحة الجيولوجية تمثل ذراعًا علميًا واستراتيجيا في تعزيز مكانة المملكة كأحد أكبر المراكز الجيولوجية في الشرق الأوسط، من خلال بناء قاعدة بيانات دقيقة تسهم في اكتشاف الثروات المعدنية والمياه الجوفية ودعم مبادرات الطاقة النظيفة.
ومشاركة الطلبة في هذا البرنامج تُمكّنهم من فهم هذه المنظومة المعقدة، وتمنحهم رؤية أعمق لدور الجيولوجيا في تنمية الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل بما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030.
مستقبل واعد وفرص توظيف متزايدة
يُتوقع أن يشهد سوق العمل في المملكة خلال السنوات القادمة زيادة ملحوظة في الطلب على الكفاءات المتخصصة في علوم الأرض، الذكاء الاصطناعي الجيولوجي، وتحليل البيانات البيئية، نتيجة للتوسع في مشاريع التعدين والطاقة المتجددة.
ويُعد برنامج “صنّاع الغد” بوابة مثالية للحصول على هذه الفرص، إذ يمنح المشاركين ميزة تنافسية من خلال المعرفة التطبيقية والمهارات الميدانية التي يكتسبونها خلال التدريب.
كما أن حصول المتدرب على شهادة معتمدة من هيئة المساحة الجيولوجية السعودية يعزز من قيمته في سوق العمل، ويفتح له آفاقًا وظيفية في القطاعين الحكومي والخاص، سواء داخل المملكة أو في المشاريع الجيولوجية الإقليمية والدولية التي تقودها السعودية حاليًا.
التسميات
وظائف الشركات
.png)


